أيها الرئيس... لا تظن أنني أريد تعداد عيوبكم القليلة وأنسى عيوبنا الكثيرة جداً في أعينكم، لا بل سوف أذكِّركم بعيب خطير فينا نحن المسلمين؛ وهو أننا لا ننسى مآسينا مهما طال عليها الزمن، تصوّر -أيها الرئيس- أننا لا زلنا نبكي على الأندلس ونتذكر ما فعله فريدناند وإيزابلا بديننا وبحضارتنا وكرامتنا فيها! ونحلم باستردادها مرة أخرى، ولن ننسى تدمير بغداد ولا سقوط القدس بيد أجدادك الصليبيين؟ أي: أننا لسنا في نظركم بالقدر من الحضارة الذي يتمتع به الألمان واليابانيون الذين يؤيدونكم على هذا العدوان متناسين ماضيكم معهم.
وأشد من ذلك أن الافريقي من المسلمين الذي أسلم بعد سقوط الأندلس يبكي مع العرب، مثلما يبكي الجاوي الذي لم يسمع عن الأندلس إلا قريباً.
قد تكون هذه مشكلة بالنسبة لنا، ولكن من سيدفع الثمن ولو بعد حين؟
أيها الرئيس... إن مشكلتكم مع الأفغان - والمسلمين عامة - أنكم أقوى مما يجب وهم أضعف مما يجب، وأنكم كلما بالغتم بالقوة أو أفرطتم في استخدامها دلّ ذلك على ضعف في القوة.
وفي هذا سر إلهي عظيم يذكرنا بما حدث لفرعون الجبار على يد بني إسرائيل المستضعفين، فاسمعه من كتاب الله الكريم ((طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)) [القصص:1-6]
لا تقل أين أنا من فرعون؟ فقد طلبتم من المسلمين ما لم يطلبه فرعون من موسى عليه السلام وبني إسرائيل، وهو ألا يكرهوكم بقلوبهم -مهما فعلتم وتجبرتم- وإلا فستنتقمون منهم، وهذا من خصائص الألوهية، فالله تعالى وحده هو القادر على أن ينتقم من كل من لا يحبه، ونحن لا نعلم إمبراطورية ديكتاتورية في التاريخ القديم تتعامل مع ما تُكِنّه القلوب وتخفيه الضمائر، فضلاً عن دولة ديمقراطية في القرن الواحد والعشرين.
قد تقولون: إننا نقصد استئصال كل ما يثير الكراهية في الخطب ومناهج التعليم ومقالات الصحافة وأحاديث الإعلام، فنقول: إن كانت هذه هي ديمقراطيتكم فلا عليكم أن تطلبوا ما شئتم، ولكن ثقوا تماماً أنكم لن تنجحوا، فإن الذي يعلمنا كره الظلم ومحبة الحق هو ديننا وقرآننا، وهو أقوى من كل وسائلكم وأثبت من جبالكم، وإذا أبيتم إلا غطرسة القوة وجنون العظمة، فليس لديكم من وسيلة إلا إبادة المسلمين كلهم بالسلاح النووي أو البيولوجي أو ما شئتم من ترسانتكم الجهنمية؟
قد تقولون: لماذا كلهم وفيهم من يحبنا؟ فأقول تأكدوا أنه لا يوجد مسلم على الأرض يحبكم حتى وإن تبرع لكم بالدم، وأنشأ لكم مراصد استخباراتية، أو فوضكم وضع المناهج التعليمية لشعبه، فكل من يدعي محبتكم في الأرض -وليس في المسلمين من يستطيع أن يدعيها- إنما يحبكم محبة الفريسة الخائفة للوحش الغاشم.
وقد تقول: سوف نعطي الشعوب الإسلامية الثقة من خلال تغيير أنظمة الحكم لتكون متسامحة وديمقراطية!!
فنقول: كفوا عنا شرّكم وكفى، فبهذا الوعد الزائف أهلكتم الشعب العراقي وغيره. وأي حرية أو ديمقراطية منكم فلا نريدها، ولن نقبلها، فعدو الحرية لا يعطي الحرية.